طاجين اللحم بالبرقوق

طاجين اللحم بالبرقوق ليس مجرد وجبة، بل فن الموازنة بين النكهات، وأيقونة الطبخ المغربي الأصيل الذي يجمع ببراعة بين الحلو والمالح. إنه طبق الولائم والمناسبات السعيدة، يتميز بلحمه الطري الذي يتساقط عن العظم، وصلصته العطرية المعقدة، وحبات البرقوق المعسلة التي تتلألأ كالجواهر. هذا الطبق هو تجسيد للكرم، والدفء، والاحتفاء بالضيوف.

الأصل والخلفية الثقافية: فن الطبخ “المعسّل”

يعود أصل هذا الطبق إلى تقاليد الطبخ المغربي العريق، وتحديدا من المطابخ الحضرية الراقية كفاس ومكناس، التي تأثرت بدورها بفنون الطهي الأندلسية والفارسية. يصنف كـ “طاجين معسّل”، وهو نوع من الطواجن التي تدمج الفواكه المجففة أو العسل لخلق توازن مذهل مع ملوحة اللحم وبهاراته. لم يكن هذا الطبق للاستهلاك اليومي، بل كان يُحضّر خصيصا للمناسبات الكبرى، كالأعراس والأعياد، كدليل على الثراء والكرم.

مكونات الطبق 

يكمن سحر هذا الطاجين في التفاعل المثالي بين مكوناته الأساسية:

1. اللحم : يستخدم عادة لحم الغنم أو البقر، ويفضل أن تكون قطعه غنية بالعظم لتعميق نكهة المرق. يُطهى ببطء شديد لساعات مع البصل والتوابل حتى يصبح زبدياً.

2. التوابل : مزيج دافئ ومتوازن من الزنجبيل، الكركم، خيوط الزعفران الحر، أعواد القرفة، والفلفل الأسود. هذه التوابل تشكل القاعدة العطرية الغنية التي يتشربها اللحم.

3. البرقوق : لا يُطهى البرقوق مع اللحم مباشرة. بل يتم تعسيله بشكل منفصل في القليل من مرق اللحم مع إضافة السكر أو العسل، القرفة، وماء الزهر، حتى يصبح طريا ولامعا.

4. الزينة : يزين الطبق عند التقديم باللوز المقلي الذهبي أو الجوز لإضافة قرمشة لا غنى عنها، ورشة من بذور السمسم المحمصة (الجنجلان). في التقديم التقليدي، قد يضاف البيض المسلوق.

طبق المناسبات السعيدة بامتياز

اللحم بالبرقوق هو الطبق الرئيسي الذي لا غنى عنه في:

• حفلات الزفاف والخطوبة: هو نجم قائمة الطعام في كل عرس مغربي.

• الأعياد الدينية: يحضر بكثرة في عيد الأضحى وعيد الفطر.

• العقيقة واستقبال الضيوف: يُقدّم كوجبة فاخرة لتكريم الضيوف في المناسبات العائلية الهامة.

• العراضة (الدعوة الفاخرة): هو الطبق الذي يثبت مهارة الطباخ ويعكس كرم المضيف.

طريقة تقديمه والأجواء المرتبطة به

يقدم طاجين اللحم بالبرقوق ساخنا جدا في طبق التقديم التقليدي الكبير والعميق أو في طاجين فخاري. يوضع اللحم في المنتصف، وتسكب فوقه الصلصة الغنية “الدغميرة”، ثم ترص حبات البرقوق المعسلة فوقه بعناية، ويرش باللوز والسمسم. يجتمع الضيوف حول الطبق المشترك، مستخدمين الخبز المغربي لـ “التغميس”. الأجواء المرتبطة به هي أجواء الفرح، الوفرة، والاجتماع العائلي الدافئ.