الكسكس

الكسكس ليس مجرد طبق، بل هو طقس اجتماعي، ورمز للكرم والاجتماع العائلي في دول المغرب العربي. إنه ليس نوعاً من المعكرونة، بل هو عبارة عن حبيبات صغيرة من سميد القمح القاسي، تُطهى بالبخار بعناية فائقة حتى تصبح خفيفة وهشة. يُقدم الكسكس فوق “جبل” من الخضار واللحم، ويُسقى بمرق متبل غني. إنه طبق الجمعة بامتياز، ووجبة كل المناسبات السعيدة.

الأصل والخلفية الثقافية

يعتبر الكسكس طبقا ضاربا في القدم. تعود أصوله إلى الشعوب الأمازيغية  في شمال أفريقيا. تشير الأدلة التاريخية إلى وجوده منذ قرون. لقد كان دائماً طعاماً أساسياً بفضل توفر القمح وسهولة تحضيره.

مكانته كبيرة جداً لدرجة أنه تم إدراجه ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو. وهذا يعكس أهميته كعنصر يوحّد المنطقة بأكملها.

المكونات الرئيسية وكيف يتم تحضيره 

يكمن سر الكسكس اللذيذ في طريقة طهيه بالبخار، وليس بالغلي.

1. حبيبات الكسكس (السميد): هي أساس الطبق. يتم “فتل” السميد باليد مع قليل من الماء والملح للحصول على حبيبات صغيرة.

2. الطهي بالبخار: يُطهى الكسكس في “الكسكاس”. وهو قدر مثقوب يوضع فوق “البرمة” (القدر السفلي). يُطهى المرق والخضار واللحم في البرمة. ويصعد بخار المرق العطري عبر الثقوب لينضج حبات الكسكس. هذه العملية تسمى “التفوير”، وتُكرر مرتين أو ثلاث.

3. المرق: هو روح الطبق. مرق غني يُحضّر من اللحم (غنم، بقر، أو دجاج)، البصل، الطماطم، والحمص. يُبهّر بمزيج من التوابل الدافئة مثل الزنجبيل، الكركم، الزعفران، والقرفة.

4. الخضار: يعد احتفاء بالخضار. أشهر نسخة هي “كسكس السبع خضار”. تشمل عادة الجزر، اللفت، القرع الأحمر، الكوسا، الملفوف، والبطاطا.

أنواع الكسكس

• كسكس بالخضار واللحم: هو النسخة الأكثر شهرة واحتفالية.

• كسكس “التفاية”: نسخة حلوة ومالحة. يُزين بالبصل المعسل والزبيب (الكشمش المجفف).

• كسكس “سايكوك”: نسخة صيفية بسيطة ومنعشة. يُقدم فيها الكسكس بارداً مع اللبن الرائب.

• كسكس “الباداز” أو “البلبولة”: يُصنع من دقيق الذرة أو الشعير بدلاً من القمح.

طريقة تقديمه والأجواء المرتبطة به

الكسكس هو طبق للمشاركة.

• القصعة: يُقدم تقليدياً في طبق كبير ومشترك يسمى “القصعة”.

• الترتيب: تُوضع حبات الكسكس على شكل هرم. تُصنع حفرة في المنتصف لوضع اللحم. ثم تُرتب الخضار بشكل فني حوله.

• المرق: يُسقى الطبق بالمرق الغني قبل التقديم مباشرة.

الأجواء المرتبطة به هي أجواء الدفء العائلي. يجتمع أفراد العائلة والأصدقاء حول القصعة بعد صلاة الجمعة. إنه أيضاً الطبق الرئيسي في الأعراس، الولائم، وحتى في مناسبات العزاء.

فوائده الصحية

• وجبة متكاملة: يوفر الكربوهيدرات من السميد، البروتين من اللحم، والفيتامينات والألياف من الخضار.

• مصدر للطاقة: السميد هو مصدر جيد للطاقة التي تدوم طويلاً.

• غني بالسيلينيوم: وهو مضاد أكسدة مهم.